هيثم بن طارق: قيادة حكيمة لعُمان

هيثم بن طارق آل سعيد: سياسي عُماني يحمل عبء التاريخ والطموحات المستقبلية

في قلب منطقة الخليج العربي، وعلى مرأى من العالم العربي بأسره، يبرز اسم السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، السلطان الذي تحمل عُمان في عهده آمالاً وتطلعات جديدة. شخصية تجمع بين الحكمة والقيادة المستنيرة، وبين الالتزام بالتراث والتطلع إلى المستقبل، سلطان دولة عمان التي طالما لعبت دوراً بارزاً في تحقيق التوازن السياسي والإقليمي.

النشأة والخلفية العائلية

وُلد السلطان هيثم بن طارق آل سعيد في عام 1954، وهو ينتمي إلى أسرة آل سعيد الحاكمة في عمان. نشأ في بيئة تربطها علاقة وثيقة بالسلطة والسياسة، وكان من الطبيعي أن يتأثر بتقاليد الحكم العمانية التي تعتمد على السلاسة والوفاق. ينحدر هيثم من سلالة عريقة، حيث كان جده، السلطان سعيد بن تيمور، الحاكم العماني، وكان والده الأمير طارق بن تيمور آل سعيد من أبرز الشخصيات السياسية في عُمان.

مسيرته السياسية قبل السلطنة

كان للسلطان هيثم بن طارق مسيرة طويلة في العمل الحكومي قبل أن يتولى حكم عمان. في مرحلة مبكرة من حياته، بدأ بالتدريب في مجال الدبلوماسية والعلاقات الدولية، حيث حصل على تعليم عالي في مجال الدراسات الدولية في أكاديميات أوروبية، مما مكنه من فهم أبعاد السياسة الإقليمية والدولية.

عُيّن هيثم في عدة مناصب حكومية بارزة طوال حياته المهنية، كان أبرزها وزيراً للتراث والثقافة في عمان، حيث استطاع أن يسهم في تطوير القطاع الثقافي والسياحي في عمان، وكان له دور كبير في الحفاظ على التراث العماني المميز وتعزيزه، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الثقافية مع الدول الأخرى. كما كان له دور في تعزيز مكانة عمان في الساحة الدولية، عبر دوره في العديد من المنظمات الدولية.

تسلمه مقاليد الحكم

في 11 يناير 2020، وفي لحظة تاريخية فارقة، تم الإعلان عن تولي السلطان هيثم بن طارق آل سعيد حكم سلطنة عمان بعد وفاة ابن عمه، السلطان قابوس بن سعيد. لم يكن هذا الانتقال السلس للحكم مجرد مصادفة، بل كان نتيجة لإرث طويل من التحضير والتنظيم، فقد كان السلطان قابوس بن سعيد قد اختار خليفته وفقاً لقوانين محددة، مما جعل انتقال السلطة يتم في تناغم وهدوء.

كانت تلك اللحظة تمثل تحدياً كبيراً أمام السلطان هيثم، حيث واجه فترة انتقالية شهدت أزمات اقتصادية وصحية نتيجة لجائحة كورونا، بالإضافة إلى التحديات السياسية في المنطقة. ولكن السلطان هيثم، الذي تمتع بالخبرة والحكمة، نجح في قيادة عمان نحو بر الأمان، مع الحفاظ على سياسة الحياد والتوازن التي لطالما تميزت بها سلطنة عمان.

أولويات حكمه وأهدافه

منذ توليه الحكم، كان السلطان هيثم بن طارق واضحاً في أولوياته السياسية والاقتصادية. كان تركيزه الأول على تعزيز الوحدة الداخلية في عمان، بما في ذلك تفعيل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني ليواكب التحولات العالمية. كان له دور محوري في تحديث الخطط الاقتصادية مثل “رؤية عمان 2040″، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد العماني بعيداً عن النفط، وتعزيز قطاع السياحة والصناعات التحويلية.

إصلاحات اقتصادية وتنموية

كان الاقتصاد العماني في وقت تولي السلطان هيثم حكم البلاد يعاني من تحديات عديدة، لا سيما مع تراجع أسعار النفط الذي يمثل المصدر الأساسي للإيرادات. لهذا، كانت رؤية السلطان هيثم في تعزيز الاقتصاد الوطني ترتكز على تنويع مصادر الدخل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وفتح أبواب العمل أمام الشباب العماني. كما اتخذ خطوات جادة في مكافحة البطالة، وركز على التعليم والتدريب المهني لتأهيل الجيل القادم من العمانيين للمشاركة الفاعلة في سوق العمل.

عُمان في عهد السلطان هيثم أصبحت تشهد نقلة نوعية في استخدام التكنولوجيا والابتكار. استثمرت الحكومة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، مما يعكس اهتمامه العميق بالتحول الرقمي والمستدام. كما كان للسلطان هيثم دور كبير في تدعيم القطاع السياحي، حيث شهدت عمان نمواً ملحوظاً في السياحة البيئية والثقافية.

السياسة الخارجية العمانية تحت قيادته

عُمان تحت حكم السلطان هيثم تبنت سياسة خارجية مستقلة ومتوازنة، تحافظ على مواقفها الثابتة في دعم السلام والتعاون الدولي. سلطنة عمان، التي لطالما تميزت بحيادها السياسي، عملت على تعزيز دورها كوسيط في الأزمات الإقليمية، وواصل السلطان هيثم على نفس النهج الذي بدأه السلطان قابوس في بناء علاقات متوازنة مع الدول الكبرى والإقليمية.

ظل الدور العماني في الوساطة بين الدول العربية، وكذلك في العلاقات مع إيران والمملكة العربية السعودية، من الثوابت في السياسة الخارجية للسلطان هيثم. كما حافظت عمان على علاقتها الوثيقة مع الدول الغربية، مع تعزيز التعاون في مجالات الأمن والطاقة والتجارة.

التحديات التي واجهها السلطان هيثم

على الرغم من الإنجازات التي حققها السلطان هيثم، إلا أن تحديات كبرى كانت ترافق حكمه. من أبرز هذه التحديات كانت تداعيات جائحة كورونا، والتي تسببت في عرقلة النشاط الاقتصادي والتجاري على مستوى العالم. عمل السلطان هيثم على إدارة الأزمة بذكاء، حيث أطلق حزمة من الإجراءات لمكافحة تداعيات الجائحة، بما في ذلك حظر السفر، والقيود على الحركة، وتعزيز النظام الصحي الوطني. كما تم توجيه الدعم المالي للمواطنين والمقيمين في عمان لضمان استقرارهم خلال هذه الفترة الصعبة.

بالإضافة إلى الجائحة، واجهت عمان تحديات اقتصادية كبيرة مع انخفاض أسعار النفط، مما دفع السلطان هيثم إلى اتخاذ قرارات اقتصادية هامة للتغلب على هذه الأزمة. على الرغم من الضغوط المالية، تمسك السلطان هيثم بسياسة الإصلاح الهيكلي، مما ساعد في تقليل الأثر السلبي للأزمة الاقتصادية.

السلطان هيثم: القيادة الحكيمة في مرحلة مفصلية

لقد تمكن السلطان هيثم بن طارق من إثبات نفسه كقائد حكيم، قادر على مواجهة التحديات الكبيرة التي تجابهها سلطنة عمان، مع الحفاظ على استقرارها الداخلي ودورها الخارجي. بفضل رؤيته العميقة وشجاعته السياسية، بات السلطان هيثم يواصل إرساء الأسس لعهد جديد في عمان، يضعها في مصاف الدول الحديثة التي لا تغفل عن قيمها الأصيلة.

إن حكم السلطان هيثم هو امتداد لمبدأ عمان في السعي للسلام والاستقرار، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي. وقد استطاع السلطان هيثم، في وقت وجيز، أن يكون على مستوى التحديات وأن يقود عمان نحو مستقبل أفضل.